بكاميرا وممثلين تصنع أفضل الافلام. جريدة الصباح الاخبارية

بكاميرا وممثلين تصنع أفضل الافلام. جريدة الصباح الاخبارية

بقلم الكاتب العراقي: منتظر عبد الرحيم

لطالما ارتبطت جودة الافلام بمقدار المبلغ الانتاجي الضخم الذي صرف لأنتاجها. الا ان هذا الامر قد يكّون جودة على مستوى المؤثرات البصرية و جودة اعلى على مستوى دقة الكاميرة ووضوحها. الا انها ليست بالضرورة مقياسً لجودة الافلام.

يعود البعض فيرجح أن الافلام الجيدة والعظيمة تصنعها الدول والمجتمعات الغنية والمتطورة وهذا الشي لا ينطبق على دول العالم الثالث.

وفي هذين الامرين مقدار كبير من الخطأ والجهل فعالم السينما ليس بالضرورة عالم يعتمد على الغنى المادي والراحة والتطور الاجتماعي، بل هو مرآة الشعوب ومتنفسهم وأرشيف الشعوب ونتاجهم الفكري والابداعي ورسالتهم الى العالم بشكل عام.

وليس بالضرورة ان تكون الميزانية ضخمة لانتاج عمل سينمائي جيد او عظيم. بل في مدى اهمية رسالتك وقربك من الواقع بشكل كبير.

ونجد هذين الامرين في السينما الايرانية التي شكلت نقلة كبيرة في عالم السينما وكسرت القيود في موضوع ان الافلام العظيمة ذات انتاج مالي كبير.

فنافست هذهِ الافلام ذات الانتاج المنخفض جداً على جوائز عالمية وحصلت على جائزتين أوسكار عن فئة الافلام الاجنبية بالاضافة الى العديد من جوائز السعفة الذهبية من مهرجان كان السينمائي هذا النجاح الذي شهدته السينما الايرانية يرجع وكما اسلفنا سابقاً الى الى امرين اهمية الرسالة في الفيلم ومدى قرب الفيلم من الواقع وهذين الامرين يعتمدان بشكل او بآخر على الكتابة.

واذا قارنا الافلام الايرانية ذات الانتاج المنخفض جداً بفيلم هوليودي ترفيهي ذات انتاج عالي جداً سنجد أن الكفة تميل الى الفيلم الايراني في المهرجانات واراء النقاد السينمائيين وعامة الناس.

وعند ذالك تتشكل لدينا فكرة مهمة ان اهمية الفيلم تكمن في الكتابة التي تحاكي الواقع وتنقل معاناة وحزن وافراح وتطلعات الشعوب وتطرح الافكار والامور المستعصية من دين وفلسفة وتاريخ وتناقشها بحيادية.

الامر الذي انحسر وقل في وقتنا الحاضر فغدت الافلام اكثر سطحية واكثر انتاجً من السابق. ولكننا نشهد محاولات هنا وهناك وهذه المحاولات تسعد وتشجي المتلقي المتعطش لسينما عظيمة واكثر عمق.

المتلقي الذي تهمه الافلام التي تناقش افكار سياسية فلسفية دينية او تؤرشف لفترة تاريخية او تطرح افكار او اسقاطات. اكثر من افلام سطحية ينتشر فيها الاكشن وسباقات السيارات وينعدم فيها الحوار العميق.

ما لفت نظري في الاونة الاخيرة فيلم انتج في الولايات المتحدة اسمه (الغروب الجزئي The sunset limited)

والفيلم يناقش فكرة الامل والعدم عن طريق حوار بين شخصين في غرفة معزولة احدهما ملحد يريد الانتحار ، والاخر راهب ويعمل في مصحة نفسية . فيستعرض حوارهما فلسفة العدم وفكرة وجود الله

هذا الفيلم ذو الميزانية المنخفضة جداً يناقش فكرة مهمة جداً وهذا هو دور السينما الاهم فلم ولن تكن السينما مادة للتسلية والترفيه فقط . بل هي وسيلة تنتمي الى الفلسفة والدين والفكر كما كان سائد في اليونان القديمة. فلم أنفك اني انهيته حتى تراءت الى ذهني افكار عديدة ونقاشات كثيرة. فأفلام كهذه لا تغادرنا حتى بعد انتهاءها

وكذالك ما لفت نظري فيلم اخر اسمه (قصة الشبح A gohst story)

وهو فيلم يدنو قليلاً من الافلام السريالية الى انه يحمل معنى مهم الا وهو الاثر الذي يتركه الانسان بعد موته. فلا يموت الانسان حقاً الى عندما ينسى ويتوارى اثره في الحياة وعند محبيه.

وهي فكرة لم اعهدها في جميع الافلام التي شاهدتها في حياتي لم ولن تغادرني موضوع استغرق عرضه بفيلم لمدة الساعة والنصف ولم يغادر تفكيري.

هذا هو مدى تأثير السينما في المتلقي وهذا هو جوهر السينما الحقيقي. ليس بالضرورة ان تكون امريكياً او اوربياً لتنتج فيلماً عظيماً. فهذهِ السينما الايرانية تشارك وتنافس افلام امريكية واوربية رغم الرقابة الشديدة من الحكومة الايرانية والميزانية الفقيرة المتوفرة لانتاج الافلام. وليس عليك الا ان تكون صادقً فيما تطرح من افكار وحكايات وتكون قريباً من واقع بيئتك ومجتمعك.

بقلم الكاتب العراقي: منتظر عبد الرحيم