-

كيف وصلت كوداك إلى مرحلة إعلانها الإفلاس ؟

(اخر تعديل 2024-09-09 11:26:08 )

كوداك “Kodak”, قبل عدة سنوات عندما كنت تسمع هذا الإسم, كان يتبادر إلى ذهنك العديد من الأمور مثل : أسطورة التصوير الفوتوغرافي , ثورة التصوير الفوتوغرافي , الشركة المسيطرة على عالم كاميرات التصوير, صورك الفوتوغرافية وأنت صغير .

لكن هل تعلم بأن كوداك أعلنت إفلاسها في عام 2012 !!؟

كيف حدث هذا الأمر !!؟

كيف سقطت الأسطورة !!؟

لا تقلق, سنجيب على جميع تساؤلاتك في مقالتنا عن شركة كوداك.

منذ بداية تأسيسها في عام 1889، كانت شركة كوداك (Kodak) الأمريكية هي المُسيطرة على عالم التصوير الفوتوغرافي لعقود طويلة، حتى جاء الزمن الذي بدأت تنتشر فيه الكاميرات الرقمية، لتبدأ كوداك رحلتها في السقوط، وحتى أعلنت إفلاسها في عام 2012.

المحتويات :

1. تاريخ شركة كوداك.

2. ثورة شركة كوداك.

3. لماذا نجحت كوداك ؟

4. لماذا فشلت كوداك ؟

5. ماذا تفعل كوداك الآن ؟

1. تاريخ شركة كوداك.

سنقوم بإستعراض أهم الأحداث التي حصلت أثناء مسيرة شركة كوداك إبتداء من تاريخ تأسيسها وحتى إعلانها الإفلاس على شكل خط زمني كالتالي :

* تم تأسيس الشركة على يد “جورج إيستمان” في عام 1889 تحت مسمى “شركة إيستمان كوداك” حيث طرحت أولى كاميراتها في الأسواق، بعدها بعدة أعوام بدأت كاميرات كوداك بالإنتشار حول العالم بشكل كبير وواسع.

* في عام 1935 طرحت شركة كوداك منتجها الجديد في الأسواق تحت مسمى “كوداك كروم”، وهو عبارة عن مواد للتصوير الفوتوغرافي المُلون للصور والأفلام على حد سواء، حيث كانت هذه المواد هي الأولى من نوعها.

* تجاوزت قيمة مبيعات كوداك حاجز المليار دولار في عام 1962.

* في عام 1963 طرحت كوداك الموديل الجديد من كاميراتها في الأسواق تحت مسمى”إنستاماتيك”، حيث كانت تتميز بإمكاني تغيير علبة حافظة الفيلم بسهولة مما سهّل على مُحترفي التصوير، وحتى المبتدئين، عملية التصوير بإستخدام الكاميرا، بعد سبعة أعوام من طرح هذا الموديل كان قد بيع منه 50 مليون كاميرا.

* تجاوزت قيمة مبيعات كوداك حاجز 2 مليار دولار في عام 1966.

* تجاوزت قيمة مبيعات كوداك حاجز 3 مليار دولار في عام 1972.

* قام أحد مهندسي كوداك “ستيف ساسون” بإختراع الكاميرا الرقمية في عام 1975.

* هيمنت كوداك على أسواق الكاميرات حول العالم في عام 1976، حيث لم يكن هنالك أي منافس يُذكر لها في تلك الفترة. حيث كانت حصتها السوقية في مجال الكاميرات 85٪، أما حصتها السوقية في مجال أفلام التصوير فبلغت 90٪.

* تجاوزت قيمة مبيعات كوداك حاجز 10 مليار دولار في عام 1981.

* في نهاية الثمانينات، بدأت تتراجع مبيعات الكاميرات الفوتوغرافية وزاد الإقبال على الكاميرات الرقمية.

* بدأ يتحول إقبال المستهلكين من كوداك إلى فوجي “Fuji” اليابانية، وذلك بسبب إنخفاض أسعار منتجات فوجي مقارنة بكوداك.

* طرحت كوداك أولى كاميراتها الرقمية في الأسواق في عام 1991.

* قامت كوداك بطرح موديلات متنوعة من الكاميرات الرقمية ما بين الأعوام 1991-2011، لكن لم يتوقف تراجع نسبة مبيعاتها.

* أعلنت شركة كوداك إفلاسها التام في عام 2012.

2. ثورة شركة كوداك.

كما ذكرنا في الخط الزمني لشركة كوداك سابقاً، قام “جورج إيستمان” بتأسيس شركة كوداك في عام 1889 حيث أطلق عليها إسم “شركة إيستمان كوداك”، حيث كان إسم كوداك هو الإسم الأول في العالم في مجال كاميرات التصوير الفوتوغرافي والفيديو خلال القرن العشرين.

أحدثت كوداك ثورة ضخمة حول العالم في مجال التصوير الفوتوغرافي والفيديو، لأنه وفي ذلك الوقت كان إمتلاك كاميرات التصوير حكراً للأغنياء ولشركات التصوير الكبيرة وذلك بسبب الأسعار الخيالية للكاميرات.

كان محور الثورة التي إفتعلتها كوداك هي جعل أي شخص في أي منطقة حول العالم يستطيع الحصول على كاميرا، وكان ذلك عبر قيامهم بإنتاج كاميرات ومعدات تصوير محمولة وذات جودة عالية وبسعر مقبول.

3. لماذا نجحت كوداك ؟

للعديد من السنوات، بقيت كوداك تحتفل بنجاحاتها المبهرة واحداً تلو الآخر، وكما ذكرنا سابقاً في الخط الزمني، فقد سيطرت على 85٪ من الحصة السوقية في مجالها حول العالم.

يوجد هنالك إستراتيجية عمل قوية تسمى “ماكنة الحلاقة والشفرات”، حيث تكمن فكرة هذه الإستراتيجية في أن تقوم ببيع ماكنات الحلاقة بسعر منخفض للمستهلك بحيث يكون هامش الربح فيها قليلاً، وبعد فترة من الزمن سيحتاج المستهلك إلى شراء المواد المُستهلكة، وهي شفرات الحلاقة، مرة تلو الأخرى. فيتم بيع شفرات الحلاقة بحيث يكون هامش الربح فيها مرتفعاً.

وهذا بالفعل ما إتجهت كوداك إليه، حيث كانت خطتهم أن يقوموا ببيع الكاميرات إلى المستهلكين بسعر مقبول مع هامش ربح منخفض، وبعدها سيقومون ببيع المواد المُستهلكة مثل أفلام التصوير وأوراق الطباعة والإكسسوارات الأخرى بسعر يضمن هامش ربح مُرتفع.

إقرأ أيضاً…

هذه الإستراتيجية نراها ناجحة الآن مع إحدى أكبر الشركات المصنعة للطابعات ، ألا وهي “HP”، حيث أنه بإمكانك شراء طابعة ورقية بسعر لا يتجاوز 30 دولار، لكن عندما تحتاج إلى شراء عبوة حبر جديدة للطابعة، فقد يصل سعرها إلى نصف سعر الطابعة الجديدة التي قمت بشرائها، عدا عن الإكسسوارات وقطع الغيار الكلفة.

عن طريق إستخدام هذه الإستراتيجية، إستطاعت كوداك أن تجني أرباحاً هائلة عن طريق بيع الأفلام والإكسسوارات وقطع الغيار، حيث تحولت كوداك إلى ما يشبه مصنعاً للأموال.

4. لماذا فشلت كوداك ؟

تحدثنا في السطور السابقة عن الإستراتيجية التي كانت تتبعها كوداك “إستراتيجية ماكنة الحلاقة والشفرات”، حيث أن هذه الإستراتيجية كانت هي السر الكامن وراء نجاح كوداك.

لكن مع تطور التكنولوجيا، بدأ يقل إستخدام أفلام التصوير وأوراق طباعة الصور لدى المستهلكين، حيث تم إختراع الكاميرات الرقمية وبدأ إنتشارها الفعلي في عام 1975. قامت كوداك بتجاهل هذا الأمر ورفضت القيام بأي شيء حياله.

هل تذكر ما كتبناه سابقاً في الخط الزمني لمسيرة شركة كوداك ؟ لقد ذكرنا بأن أحد المهندسين الذين يعملون لدى كوداك هو من قام بإختراع الكاميرا الرقمية.لكن عندما أخبر مدرائه بهذا الإختراع, تمت مقابلته بالرفض.

هنا تكمن المفارقة, فالكاميرات الرقمية التي تسببت بسقوط كوداك, تم إختراعها من قبل مهندس في كوداك لكنه قوبل بالرفض. لم تعط كوداك أي إهتمام للكاميرا الرقمية لأن أسواق الكاميرات الفوتوغرافية كانت عبارة عن منجم للذهب بالنسبة لكوداك.

لكن هنالك شركة أخرى تبنت فكرة تصنيع الكاميرات الرقمية, وهي شركة فوجي (Fuji) اليابانية, حيث إستطاعت بعد فترة من الزمن أن تكون من الشركات الرائدة في مجال تصنيع وبيع الكاميرات الرقمية, تاركة كوداك ورائها متأخرة عن هذا السباق.

كان هذا هو الخطأ الرئيسي الذي قامت كوداك بإرتكابه, حيث كان تجاهلها لتكنولوجيا الكاميرات الرقمية هو السبب الرئيسي في بداية السقوط للشركة.

بعدما إزدادت شعبية الكاميرات الرقمية وأصبحت مرغوبة أكثر حول العالم, لم تقم كوداك بأي تغييرات في نظامها لتواكب التطور, بل بقيت مصممة على أن المستهلكين لن يرغبوا بالنظر إلى صورة رقمية, بل سيحبون النظر إلى الصور الفوتوغرافية المطبوعة والإحساس بملمسها.

في تلك الفترة كانت شركة فوجي تقوم بتصنيع المزيد ومزيد من الكاميرات الرقمية وتغمر الأسواق بها. وكانت هي والعديد من الشركات الأخرى التي تقوم بتصنيع الكاميرات الرقمية تحاول الحصول على موطئ قدم في أسواق التصوير حول العالم, قضت كوداك ما يقارب العشر سنوات وهي تحاول إقناع الشركات والمستهلكين بأن الكاميرات الفوتوغرافية أفضل من الكاميرات الرقمية, لكن فعلياً قامت بإضاعة عشرة سنوات من عمرها وهي تفعل ذلك بدل من أن تقوم بتطوير نفسها وتواكب التكنولوجيا التي بدأ المستهلكون يميلون إليها بل ويحبونها.

إقرأ أيضاً…طريقة التصوير بكاميرا هاتفك مثل الكاميرا الإحترافية.

إضافة إلى ذلك, بدأت كوداك بفقدان الدعم المادي من شركائها في ذلك الوقت, وبدأت قناعة المستهلكين تزداد مع تحسن جودة الكاميرات الرقمية حيث أنها أصبحت أرخص من الكاميرات الفوتوغرافية بالإضافة إلى أن جودة الصور الرقمية كانت أفضل.

كانت كوداك مؤمنة بقوة إستراتيجيتها والتي كانت فعلياً إستراتيجية ممتازة, لكنها كانت تصلح لوقت معين فقط, لم تتقبل إدارة كوداك فكرة التغيير وبقيت معتمدة على بيع أدوات التصوير الفوتوغرافي مما جعلها تتأخر بشكل كبير عن منافسيها.

عندما بدأت كوداك تتقبل فكرة الكاميرا الرقمية وبدأت بإنتاجها, كان هنالك العديد من الشركات التي تقوم بتصنيع الكاميرات الرقمية والتي قامت ببناء إسم لها في هذا السوق, فلم تتمكن كوداك من دخول المنافسة بقوة في مجال الكاميرات الرقمية.

في عام 2004, أعلنت كوداك بأنها ستقوم بإيقاف بيع أفلام الكاميرات الفوتوغرافية, مما ساهم في جعل ما يقارب 15,000 موظفاً من موظفي الشركة زائدين عن حاجتها, وفي بداية عام 2011 خسرت كوداك مكانها في قائمة أقوى 500 شركة في العالم. بدأت شركة كوداك تتداعى أكثر في عام 2011, حيث وصل سعر السهم الواحد للشركة إلى 0.54 دولار, كانت الخسائر تبلغ أكثر من النصف خلال عام 2011.

في بداية عام 2012, وفي شهر يناير بالتحديد كانت كوداك قد قامت بإستهلاك جميع مواردها وإحتياطها من النقود, بعدها قامت بتقديم طلب إفلاس إلى السلطات حيث تم إعطائها قرضاً بقيمة 950 مليون دولار على أمل أن تنهض الشركة من جديد.

تم منح كوداك هذا القرض لمساعدتها على إستكمال أعمالها, وكمحاولة من كوداك للحصول على بعض السيولة أيضاً, قامت ببيع بعض أقسامها لشركات أخرى, كمحاولة أخرى من كوداك للحصول على السيولة التي قد تضمن إستمرارها, قامت ببيع العديد من براءات الإختراع التي تملكها بما فيها براءات الإختراع في مجال التصوير الرقمي.

5. ماذا تفعل كوداك الآن ؟

قررت كوداك الخروج من عالم التصوير الرقمي الذي لم تتمكن من النجاح فيه, واختصرت مجال عملها ببيع إكسسوارات الكاميرات وطباعة الصور, وهكذا تمكنت من السير بخطوات متعثرة في عالم تسيطر فيه التكنولوجيا.

بإمكانك الإطلاع على منتجاتهم عن طريق موقعهم الرقمي. نعم, لا يزال يوجد لديهم موقع رقمي !