تعتبر الولادة من التجارب المبهجة بالنسبة للوالدين, لكن في بعض الأحيان تواجه الأم بعض المشاكل النفسية بعد انتهاء مرحلة الولادة, مثل القلق والبكاء والتغيرات المزاجية والإنفعالات المفرطة, وتسمى هذه الحالة “اكتئاب ما بعد الولادة”.
فما هو اكتئاب ما بعد الولادة, وهل يعتبر هذا الأمر خطراً؟
المحتويات:
1. ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
4. أنواع اكتئاب ما بعد الولادة.
5. علاج اكتئاب ما بعد الولادة.
1. ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟
اكتئاب ما بعد الولادة Postpartum Depression (PPD) هو عبارة عن مزيج معقد من التغيرات الجسدية والعاطفية والسلوكية التي تمر بها بعض النساء بعد انتهاء الولادة.
ويعتبر اكتئاب ما بعد الولادة من أشكال الإكتئاب الشديد الذي يبدأ خلال 4 أسابيع بعد الولادة. ويعتمد تشخيصه على طول الفترة الزمنية بين الولادة وبدء الإكتئاب, وعلى شدة الإكتئاب الحاصل. كما أنه يرتبط بالتغيرات الكيميائية والإجتماعية والنفسية التي تحدث بعد الولادة.
تتضمن التغيرات الكيميائية انخفاضاً سريعاً في الهرمونات بعد الولادة, حيث أن الهرمونات التناسلية الأنثوية ( الأستروجين والبروجسترون ) تزداد بمقدار 10 أضعاف خلال فترة الحمل.
وبعدة الولادة تنخفض مستويات هذه الهرمونات إلى المستويات الطبيعية التي كانت عليها قبل الحمل, يضاف على هذا الأمر التغيرات الإجتماعية والنفسية التي تتسبب في حدوث اكتئاب ما بعد الولادة. وتصيب هذه الحالة ما يقارب 10% من النساء بعد الولادة.
2. علامات وأعراض اكتئاب ما بعد الولادة.
قد يكون من الصعب معرفة أعراض اكتئاب ما بعد الولادة, لكن العديد من النساء تعاني من الأعراض التالية:
- التعب الشديد.
- تغيرات مزاجية.
- مشاكل في النوم.
- تغيرات في الشهية.
- قلة الرغبة الجنسية.
كما قد تصاب بعض النساء بالإعراض السابقة جنباً إلى جنب مع بعض الأعراض الأخرى مثل:
- البكاء طوال الوقت دون سبب معين.
- حدة المزاج.
- عدم الإهتمام بالطفل.
- الشعور بعدم الإرتباط بالطفل.
- سرعة الغضب.
- صعوبة في التركيز.
- الشعور باليأس والعجز.
- أفكار حول الموت أو الإنتحار.
- أفكار حول إيذاء الآخرين.
- صعوبة اتخاذ القرارات.
كما يوجد هنالك بعض الإعراض التي تعتبر نادرة الحدوث مثل اضطراب الوسواس القهري, والخوف الشديد بشأن صحة الطفل أو مخاوف غير منطقية عن إيذاء الطفل.
على كل حال, قد يشكل اكتئاب ما بعد الولادة في بعض الحالات خطراً على الأمهات الجدد والأطفال, لذا يجب على الأم الجديدة طلب المساعدة في حال:
- إستمرار الأعراض لأكثر من أسبوعين.
- عدم القدرة على التعامل مع المواقف والواجبات اليومية.
- عدم القدرة على العمل بشكل طبيعي.
- وجود أفكار حول إيذاء النفس أو الطفل.
- الشعور بالقلق الشديد والخوف الشديد في أغلب الأوقات.
إقرأ أيضاً… كيف أعرف أني حامل؟ وما هي أعراض الحمل المبكرة؟
3. الأسباب وعوامل الخطر.
إذا كنت مصابة باكتئاب ما بعد الولادة, لا يعني هذا الأمر قيامك بفعل خاطئ, ولا يعني وجود تقصير منك تجاه نفسك أو طفلك. حيث أنه يوجد هنالك العديد من العوامل التي قد تزيد من فرصة الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. ومنها:
- وجود تاريخ من الإصابة بالاكتئاب قبل الحمل أو أثنائه.
- صغر العمر في وقت الحمل.
- عدم اليقين حول موضوع الحمل.
- كثرة عدد أطفالك إثناء الحمل.
- تاريخ عائلي للإضطرابات المزاجية.
- التعرض لموقف مرهق نفسياً مثل أزمة صحية أو فقدان شخص أو وظيفة.
- إنجاب طفل من ذوي الإحتياجات الخاصة أو المشاكل الصحية المزمنة.
- إنجاب التوائم.
- قلة الدعم النفسي من الزوج والأقارب والأصدقاء.
- وجود مشاكل زوجية أثناء فترة الحمل والولادة.
كما أنه لا يوجد هنالك سبب محدد للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة, لكن قد تساهم المشاكل التالية في زيادة فرصة الإصابة به:
- الهرمونات.
قد يتسبب الإنخفاض الكبير في هرمونات الأستروجين والبروجسترون بعد الولادة في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. كما قد تنخفض الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية بشكل حاد وتتسبب في الشعور بالتعب والاكتئاب.
- قلة النوم.
مع وجود الطفل حديث الولادة, ستقل فترات وساعات نومك بسبب المجهود الذي يحتاجه الطفل في البداية, وبسبب عدم انتظام نومه وحاجته للإهتمام المكثف وخصوصاً فيما يتعلق بالرضاعة.
- القلق.
تصاب العديد من الأمهات, وخصوصاً الأمهات الجدد بالقلق بشأن قدرتها على رعاية المولود الجديد, فهذه التجربة قد تعتبر أمراً صعباً بالنسبة للبعض.
- الثقة بالنفس.
قد تشعر الأم أنها أصبحت أقل جاذبية, أو تشعر بأنها فقد السيطرة على حياتها. قد تساهم هذه المشكلات في الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أيضاً.
4. أنواع اكتئاب ما بعد الولادة.
يوجد هنالك نوعين لوصف التغيرات المزاجية والنفسية التي قد تحدث للمرأة بعد الولادة, وهي:
كآبة النفاس.
يصاب عدد كبير من النساء في الأيام التي تلي الولادة مباشرة بما يسمى بالكآبة النفاسية. حيث تصاب الأم بتقلبات مزاجية مفاجئة مثل الشعور بالسعادة الشديدة يليها الشعور بالحزن الشديد.
فقد تبكي الأم دون سبب وقد تشعر بعدم القدرة على الصبر والتحمل وتصاب بالقلق والوحدة والحزن. قد تستمر هذه الأعراض لعدة ساعات وحتى أسبوعين من بعد الولادة.
عادة لا تحتاج الأم خلال هذه الفترة إلى رعاية صحية متخصصة في الكآبة المرتبطة بالنفاس. قد يساعد الإرتباط الإجتماعي مع الزوج والأصدقاء والأقارب أو التحدث مع أمهات أخريات في دعم الأم المصابة بكآبة النفاس.
إكتئاب ما بعد الولادة.
يمكن أن يحدث اكتئاب ما بعد الولادة خلال أيام أو حتى أشهر بعد الولادة. ويمكن أن يحدث بعد ولادة أي طفل وليس فقط الطفل الأول.
كما قد تصاب الأم بالعديد من المشاعر المشابهة للكآبة النفسية مثل الحزن والقلق واليأس, ولكنها تكون شديدة بعض الشيء. غالباً ما يتسبب هذا الأمر في تعطيل قدرة الأم على القيام بالواجبات اليومية والعمل.
قد تحتاج الأم إلى زيارة الطبيبة النسائية أو مقدمي الرعاية في حال تفاهم الأعراض التي قمنا بذكرها سابقاً, وفي حال عدم الحصول على العلاج اللازم, قد تزداد الأعراض سوءاً.
إقرأ أيضاً… الطفل حديث الولادة : الدليل الشامل في طريقة التعامل مع الطفل خلال المراحل الأولى.
5. علاج اكتئاب ما بعد الولادة.
يتم التعامل مع كل حالة اكتئاب ما بعد الولادة بشكل منفصل, وذلك بالإعتماد على نوع الأعراض ومقدار شدتها. فقد يصف الطبيب بعض الأدوية المضادة للإكتئاب والقلق أو يوصي بالعلاج النفسي.
كما أن الأم خلال هذه الفترة تكون بحاجة إلى الدعم النفسي وخصوصاً من الزوج والأقارب والأصدقاء وزملاء العمل. ويمكن للأمهات أيضاً مساعدة الأم الجديدة في تجاوز مرحلة الإكتئاب عن طريق دعمها نفسياً.
كما يجب الأخذ بالحسبان أن الأدوية المضادة للإكتئاب قد تنتقل إلى حليب الطفل, لذا يجب دراسة هذا الأمر مع الطبيب المختص.
6. المضاعفات والوقاية.
يمكنك أن يؤثر اكتئاب مع بعد الولادة على الأطفال والزوج وليس فقط على الأم:
- الأم.
يمكن أن يستمر اكتئاب ما بعد الولادة لعدة أشهر في حال عدم التعامل معه وعلاجه, وقد يزيد هذه الأمر من احتمالية الإصابة بنوبات اكتئاب في المستقبل.
- الأب.
عندما تصاب الزوجة بالاكتئاب, قد يكون الأب معرضاً أيضاً للإصابة بالاكتئاب.
- الأطفال.
في حال وجود أطفال آخرين, قد يتأثر الأطفال باكتئاب الأم أيضاً, فقد يعانون من مشاكل في النوم وتناول الطعام والبكاء بشكل أكثر من المعتاد والتأخر في تطور لغتهم وقدراتهم.
الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة.
هنالك بعض الأمور التي قد تساهم في الوقاية من هذا الأمر, ومنها:
- إذا كان لديك تاريخ من الإكتئاب, يجب إخبار الطبيب الذي يتابع الحمل بذلك.
- يمكن للطبيب مراقبة الأعراض أثناء فترة الحمل لمتابعة أي تغيرات قد تطرأ.
- في حال وجود أعراض بعد الولادة, قد يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية المضادة للإكتئاب.
كما يمكن للنصائح التالية أن تكون مفيدة وتساعدك على التأقلم مع قدوم المولود الجديد إلى المنزل.
- طلب المساعدة من الأمهات ذوات الخبرة في تربية الأطفال والتعامل معهم.
- التعلم والتثقف بشأن الإنجاب والتغييرات الحياتية التي يجلبها.
- التمارين الرياضية أو الخروج من المنزل.
- إتباع نظام غذائي صحي وتجنب الكافيين.
- تعزيز العلاقة مع الزوج وتخصيص الوقت لكما.
- التواصل الإجتماعي والإبتعاد عن العزلة.
- النوم وأخذ قسط من الراحة أثناء نوم الطفل.
المصادر:
[1] MayoClinic.com – Postpartum depression – Symptoms and causes